هل تستطيع أن تجعل الموظف في شركتك يتعامل مع العملاء كأنه صاحب العمل؟
لماذا جاءني هذا السؤال؟
ورد الى ذهني هذا السؤال بسبب موقفين اثنين، موقف من صاحب شركة كبيرة، وموقف آخر من مدير في شركة أخرى وهي من أكبر الشركات العاملة بل والناجحة والرائدة.
الموقف الأول: وجدت مشكلة صغيرة جدا في الشركة الأولى، وبسبب حبي لهذه الشركة تواصلت مع رئيس مجلس الإدارة ومالكها، وبعد التواصل به، لمست تقبلا واسعا للموضوع وتقدير كبير للنصح المقدم، وتمت إحالة الموضوع الى المختصين لمعالجة الموضوع، وفي الأخير لمست بعد أيام قليلة تراجع الشركة عن الموضوع الذي قد كانت فرضته، وكان سيسيء لها.
شعرت بارتياح كبير مع أنه لم يمسني منه أي فائدة أو ضرر، لكن التعامل الراقي من صاحب الشركة جعلني مبادرا لتقديم ما أراه من النصح والتقييم، وغير ذلك.
الموظف كرائد او صاحب العمل في التعامل مع الموظفين |
الموقف الثاني: وجدت بعض الاشكاليات وليست إشكالية واحدة في شركة كبيرة وناجحة ورائدة، فتواصلت مع المسئول فيها، فتفاجأت بأنه جعلني خصما له، ظل يناقشني لما يزيد على الساعة، ويريد يبرهن لي أنه ناجح في العمل وفي إدارته، وأن ما أقوله هو الخطأ والظلم، وغير ذلك مما فاجأني فيه أسلوبه الفج في سماع شكاوي العملاء،
كنت أحاوره وأقول له اعتبرني من العملاء المتذمرين، بل حاولت أن أبين له وجهة نظر الكثير من العملاء الذين هم غير راضيين عن الخدمة المقدمة لهم، فلم يقبل، بسبب تسبب الموضوع بخلق مشكلة بيني وبينه.
هذان الموقفات جعلاني أقول بصراحة لماذا تعامل معي صاحب الشركة الاولى، والذي هو في موقع كبير جدا وفي أعلى الهرم في الشركة بهذا اللطف وبهذا التقدير؟ ولماذا تعامل معي هذا المدير الذي هو مسئول إدارة دنيا بتلك الصورة الفجة، مع أني كنت قادر على رفع الأمر إلى المسئول الأعلى منه.
فبعد تأمل واسع وجدت بأن تعامل صاحب العمل دائما يختلف عن تعامل الموظف، فقلت في نفسي وعمدت الى تسطير هذا المقال: هل تستطيع أن تجعل الموظف في شركتك وفي عملك يتعامل مع الموظف كأنه صاحب العمل او كأنه صاحب الشركة؟
لماذا التعامل كصاحب العمل؟
إذا تعامل الموظف مع العملاء كأنه صاحب العمل، فسوف يكون حال الشركة أفضل بكثير، لأن صاحب العمل:
1. لا يسيء للعملاء ، بل يعرف أن رأس ماله هو العميل.
2. يهمه رضا العميل، فهو يدرك أن العميل الراضي عن الشركة هو أكبر مسوق لها.
3. يسعى لنجاح الشركة، ونجاحها مرتبط بالعميل المثالي للشركة وعدم خسارة العملاء.
4. يدرك أن العملاء يستطيعون تغيير قرارات الشركة.
هل يوجد فرق بين تعامل الموظف وتعامل صاحب العمل والشركة مع العملاء؟
في الواقع العملي الملموس يوجد فرق بين تعامل الموظف وتعامل صاحب العمل، فقل أن تجد صاحب عمل يسيء التعامل مع العملاء، لأنه لو تعامل بهذه الطريقة فمصير شركته وعمله هو الخسارة، وقد قيل في المثل:
إذا أنت لا تستطيع أن تبتسم فلا تفتح محلا.
لكن الموظف يقوم بعمل روتيني يومي ويؤدي مهام وظيفية، وقد لا يكون في باله كسب رضا العميل وتحقيق السعادة عنده، ولذلك نجد الكثير من المؤسسات تدرب الموظفين كثيرا على خدمة العملاء، وتجعل هذا في السلم وفي الهرم التدريبي.
من النادر الى حد ما أن تجد الموظف يتعامل مع العميل كأنه صاحب عمل وصاحب مشروع تجاري. وإذا وجد هذا الموظف فإنه يصنع النجاح صنعا، وبهذا يتفاضل الموظفون فيما بينهم.
كيف تجعل الموظف في شركتك يتعامل مع العملاء كصاحب العمل؟
أولا: حقق الولاء الوظيفي لدى الموظف:
تحقيق الولاء الوظيفي لدى الموظفين يجعل الموظف يتعامل وكأن العمل ملكه وكأنه صاحب الشركة ومالكها، وهذا الولاء الوظيفي لا يأتي بين عشية وضحاها، وفي المقابل لا ينزع من الموظف بين عشية وضحاها، فهو يأتي ويستقر في نفس الموظف عندما يحس بالشركة التي تتلمس ظروف وأوضاع موظفيها، يستقر عند الموظف الذي لا يحس بأن الشركة والمؤسسة تفاضل بينه وبين غيره من الموظفين، يستقر في ذهن الموظف عندما يحس أن الشركة هي سبب تطوره وتعلمه وهي مصدر إلهامه.
شركة من الشركات أرادت تعزيز الولاء الوظيفي لدى الموظفين، فعمدت الى اختيار أفضل المدربين لعقد دورة حول تعزيز الولاء الوظيفي لدى الموظفين، فماذا حدث؟ تخيل أن بعد الدورة خرج الموظفين وهم أكثر تذمرا من الشركة أكثر مما سبب، بل إن المدرب خرج وهو بقناعة تامة بعدم تحقق الولاء الوظيفي، لماذا؟
السبب بكل بساطة أنه بعد طرحه للموضوع من كل زواياه وأبعاده وموضوعاته، وجد في الموظفين تململا وتذمرا من الموضوع، فقام بسؤال الموظفين عددا من الأسئلة، فكان من بينها كم الراتب الذي تستلمونه، فكانت الصاعقة، تفاجأ بأن الراتب الذي يتقاضاه الموظفون، يقل عن أمثاله من الرواتب التي في الشركات المماثلة، بل هذا الراتب الذي يستلمه الموظفون لا يفي بالاحتياجات للموظفين. فخرج هذا المدرب بعد دورة دامت لأيام وهو على قناعة بأن الولاء الوظيفي لن يأتي لمثل هذه الشركات.
فمن أجل أن تزرع الولاء الوظيفي لا يكفي أن تقيم دورة من الدورات، ولا برنامج من البرامج، الموظف يريد أن يشعر بذاته في الشركة، يريد أن يشعر بالفخر بالانتساب لها.
ثانيا: اعترف بانجازات موظفيك وانسبها لهم دائما:
الموظف الذي يشتغل تحت ضغظ رفع التقارير وتحقيق الأهداف الربعية والسنوية، فالبرغم من أنه قد يحققها بالكامل، فلن يكون من ضمن أولوياته تحقيق رضا العميل، لأنه لا يجد في شركته التقدير الوافي والكامل لما ينجزه هو أو غيره.
لا تجعل الموظف يقوم برفع التقارير فقط، بل اجعله يحلل التقارير التي رفعها، فلا يغتر بالارقام، فهو يهتم بالارقام لأنه يظن أنها ترفع من قدره أمام الإدارة العليا، لكنه لو حلل الأرقام وهل هي مرتبطة برضا العميل وتحقيق العوائد فسيجد أن التقرير الذي يرفعه هو للضحك على الادارة.
ثالثا: قدم الدعم المؤسسي لهم.
مرة من المرات أردنا أن نشتري لابتوبات (حاسوب محمول) فعند التواصل مع شركة من الشركات قام الموظف بإحالتنا الى شركة منافسة لهم، وأرشدنا للشراء منها. وبعد التحري وجدنا أنه يحصل من الشركة الأخرى على عائد مادي قد يفوق ما يحصل عليه من راتب من الشركة التي يعمل فيها.
صاحب الشركة عندما يأتيه العميل يحرص غاية الحرص على إشباع وتلبية احتياجاته بالكامل، فهو يدرك أن تلبيتها يحقق له النجاح في العمل، ولكن الموظف عندما لا يشعر بالدعم من المؤسسة له فهو لا يهمه إن كان العميل سيبقى معهم او سينتقل الى غيرهم، بل فالمكان الذي سيحقق له الدعم المناسب هو الأفضل بالنسبة له.
رابعا: حقق التواصل مع الموظفين:
يقال: اعمل 8 ساعات داوم في شركة وأعمل 10 ساعات مع مدير يقدرني لكني أعمل 24 ساعة في عملي الحر.
فصاحب العمل الذي يكون حسن التواصل مع الموظفين ويشعرهم بالقرب منهم، يجعل الموظفين يعملون وكأن المؤسسة مؤسستهم وكأن العمل عملهم هم. لذلك حقق التواصل مع الموظفين.
موظف كان يعمل رئيس قسم في شركة من الشركات، كان مخلصا في عمله، بعد العرس قدم استقالته من العمل، والسبب هو عدم حضور صاحب العمل عرسه، لأنه لم يشعر بالتقدير من صاحب العمل، فتسبب هذا بخروجه من العمل.
خامسا: اهتم بالجهد الذي يبذله الموظف:
غالب المدراء وأصحاب العمل لا يهتمون بالجهد المبذول من الموظف، إنما يهتمون بالنتائج، ونظر الشركات للنتائج وإغفال الجهد المبذول من الموظف قد يسبب كره الموظف في بعض الأحيان للعمل، فما قد يعمله الموظف في وقت من الاوقات ويأخذ منه جهدا كبيرا، قد يعمله في وقت آخر بجهد أقل، فلا تجعل هذا الأمر سببا في كره الموظف لعمله. بل قدر جهده المبذول.