للدكتور/ عبد الفتاح القرصي - رئيس قسم إدارة الأعمال
في ظل تزايد عدد السكان في جميع انحاء العالم
بما فيها الجمهورية اليمنية، وتناقص الموارد الطبيعة الضرورية للنمو الاقتصادي، وظهور
العديد من التحديات الاقتصادية والتنموية التي لم تستطيع الحلول التقليدية في علم الاقتصاد
والإدارة حلها بل ظهر الحل لذلك في الادبيات الإدارية والاقتصادية ويسمى:" بعلم
ريادة الأعمال"، ليكون طريقاً للتنمية الاقتصادية المستدامة في الدول النامية
والاقل نمواً وذلك من خلال استغلال العديد من الفرص الاقتصادية من قبل رواد الأعمال
والتي لم تستغل في ظل الاقتصاد التقليدي.
وبعد ذلك أصبحت ريادة الأعمال ثقافة في العالم كلة ونقلة نوعية من الفكر الاقتصادي التقليدي الذي يركز على مؤسسات الدولة الى الاقتصاد المعاصر أو الحديث الذي يركز في جوهرة على الابداع والابتكار في جميع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، ويعرف مفهوم الريادة بانه : عبارة عن (تكوين وبناء نشاط اقتصادي جديد أو إيجاد شيء مختلف ذو قيمة)، وقد نما قطاع ريادة الأعمال بشكل كبير خلال العقدين الماضيين حتى أصبح مكوناً اساسياً في الاقتصاد المعاصر، وقد تبنت ذلك العديد من الحكومات في الدول النامية بتضمين خططها التنموية برامج تعليمة وتنفيذية واسعة حول ريادة الأعمال وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة للاستفادة من روح الابداع والابتكار وحب العمل الحر والطموح التي ترتبط بتلك المشاريع، وتوجد مجموعة من رجال الأعمال أصحاب المواهب الإدارية الخاصة من ذوي الاستعداد للمخاطرة وتبني الأفكار الجديدة وفهم آليات التنافس في السوق العالمي، فاليابان استطاعت إن تحقق معجزة في مختلف المجالات وذلك من خلال الاعتماد على ريادة الأعمال، وايضاً إدراك دول (مملكة ماليزيا الاتحادية) لأهمية ريادة الأعمال في عملية التنمية المستدامة وقامت بتخصص وزارة مستقلة في حكومتها الحالية لريادة الأعمال وسميت بوزارة ريادة الأعمال .
أما واقعنا في الجمهورية اليمنية بدأ الاهتمام منذ تسعينيات القرن الماضي في برنامج (الإصلاح الاقتصادي الشامل عام 1995م) وأصبحت ريادة الأعمال من الأوليات للجانب الحكومي والقطاع الخاص اليمني. وفي هذا السياق ظهرت الكثير من الادبيات والمنشورات العلمية وورش العمل التي تدعم نشاطات ريادة الأعمال وتوسع الامر حتى وصل الى مشاركة الجامعات اليمنية في هذا النشاط الواسع حيث بدأ وتوسع سريعاً من خلال التدريب والتعليم لموضوع ريادة الأعمال في الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية كونها تمثل عقل المجتمع الحديث والمصدر الرئيسي للأبداع وصياغة الأفكار الجديدة التي تساعد المجتمعات على النهوض.
وكانت جامعة الرازي من أول الجامعات اليمنية التي أدخلت في خطط التدريس مقرر ريادة الأعمال من خلال مقرر نظري، وأخر عملي، وأيضاً القيام بالأبحاث والدراسات الخاصة بريادة الأعمال وأصبح مقرر ريادة الأعمال من المقررات الأساسية لطلبة البكالوريوس وطلبة الماجستير في برامج إدارة الأعمال وبرنامج إدارة الأعمال الدولية، فضلاً عن تنفيذ دورات التأهيل وورش العمل الخاصة بريادة الأعمال التي تتم بمركز التدريب بالجامعة، فقد عملت الجامعة على موائمة مخرجات مقرر ريادة الأعمال مع مكونات الجامعة منها الرؤية والرسالة والبرامج الاكاديمية التي تنمي التميز، حيث تهدف مخرجات مقرر ريادة الاعمال إلى اكتساب الطلاب والطالبات مهارات اقتناص الفرص الاستثمارية بطريقة ريادية والعمل بروح الابداع والابتكار في إعداد خطط إنشاء مشروعات ريادية اقتصادية متكاملة لتوفير منتجات أو خدمات تلبي حاجات ورغبات الزبون.
أضافة الى ذلك تهتم الجامعة بمقرر ريادة الأعمال كونه يشكل محرك ودافع أساسي لتغيير ثقافات الشعوب، وايضاً يعمل على أحداث التغيير والتحول في ممارسة أنشطة منظمات الأعمال، ويسعى إلى خلق العديد من المشروعات التي تدعم الاقتصاد والتنمية، ويحسين الدخل عن طريق زيادة نمو الاقتصاد، ويعمل على زيادة الكفاءة والجودة من خلال زيادة التنافس.
فمن هذا المنطلق فقد عملت جامعة الرازي ممثلة بكلية العلوم الإدارية والإنسانية على إقامة العديد من الندوات والمؤتمرات وورش العمل حول تطوير ونشر ثقافة ريادة الأعمال ودور حاضنات الأعمال اليمنية، وربط فلسفتها بفلسفة الجامعة. فقد تطور تعليم ريادة الأعمال عالمياً إلى أن أصبح التسويق الأكاديمي هو من يقف خلف ريادة الأعمال والذي أكده الأكاديمي البارز الذي حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد وهو الأستاذ الدكتور أدموند إس فيلبس من جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الامريكية، بمقال: ريادة الأعمال جذابة وعادلة. وهنا أصبحت ريادة الأعمال شغف لرائد الأعمال.
فتوجب على الجامعات إجراء الأبحاث والدراسات حول ريادة الأعمال ومجالاتها والمشاريع العائلية والحركات الريادية العالمية، ونظريات ريادة الأعمال، وريادة الأعمال المؤسسية، وغير ذلك من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي أصبحت تستفيد من مفهوم ريادة الأعمال وخصائص الابداع والابتكار لمواجهة المشكلات والتحديات بمنظمات الاعمال اليمنية.