هذا السؤال ورد الى ذهني بسبب قصة حصلت في بعض
المؤسسات، خلاصتها:
كانت هذه الجامعة تعمل الليل
والنهار وبشكل مكثف وتنفق مبالغ طائلة على التسويق الالكتروني والتسويق التقليدي
من أجل أن تستطيع تحقيق أكبر حصة في السوق وتسجل طلابا كثر في كل عام دراسي، كنت
أتابع هذه المؤسسة وهي أعلى من غيرها في القدرة على تسجيل طلاب كثير أكثر من
الجامعات الأهلية الأخرى والتي بعضها لديها إمكانيات أفضل منها. وكنت أعرف
الميزانية التسويقية التي تصل الى ملايين تنفق في بداية كل عام دراسي.
لكنني أعرف أن الطلاب يقلون في كل
سنة دراسية، فمثلا كان يسجل في قسم من الأقسام عدد 300 طالب للدارسة في الجامعة،
وبعد مضي سنة يقل الطلاب الى أكثر من النصف وما يأتي سنة رابعة إلا والطلاب قد
قلوا إلى أكثر من الثلثين، فلا يتجاوزون 50 طالب،
هذا جعلني أقول أيهما أفضل:
أن تكسب عملاء جدد او تحافظ على العملاء
الحاليين؟
في البداية توجد دراسة حقيقة أجرتها شركة Invesp على (400) شركة أظهرت النتائج التالية:
تكلفة جذب عميل جديد أعلى بخمس مرات من تكلفة
الاحتفاظ بالعميل حالي.
زيادة معدلات الاحتفاظ بالعملاء بنسبة 5% تزيد الأرباح بنسبة 25 -95%.
يتراوح معدل نجاحك في إعادة البيع لعميل حالي من 60 -70%، في حين أنه
لا يتجاوز 20% في حال العملاء الجدد.
ويمكننا قياس النتائج السابقة على الجامعة التي ذكرناها مسبقا:
تكلفة كسب طالب جديد تكلف دعاية وتسويق الكتروني وبرشورات ومطبوعات
ورسوم حكومية وضرائب تعادل ربع الرسوم التي يدفعها الطالب، بينما الحفاظ على طالب
موجود تكلف الجامعة زيادة في البنية التحتية وتحسين السمعة وهي أصول تضاف
للجامعة.
الاحتفاظ بعدد 50 طالب مثلا حتى يواصل الدراسة الى المستوى الرابع
يعني تحقيق الجامعة عائد كبير، فلو أن مثلا تكلفة رسوم الطالب في السنة 100 الف
ريال، فمعناه أنه بعد 4 سنوات سيكون قد دفع 400 الف وللعدد 50 طالب وهو ما يعني 20
مليون ريال خلال الأربع سنوات ( هذا فقط لعدد 50 طالب تمت المحافظة عليهم)
من خلال الدراسة يتبين أن الحفاظ على العملاء الحاليين أهم بكثير من
اكتساب عملاء جدد، لكن قد يتسائل متسائل، إذا لم يوجد عملاء جدد فمعناه أن الشركة
ستتلاشي لأن العملاء الجدد هم سيكونون في المستقبل عملاء حاليين، وبالتالي ستعمل
الشركة والمؤسسة على الحفاظ عليهم.
الحفاظ على العملاء لا يعني عدم كسب عملاء جدد!
ليس معنى الحفاظ على العملاء الحاليين أن يترك كسب عملاء جدد، فهذا لا
يقوله عاقل ولا صاحب خبرة في العمل الاداري والتسويقي، إنما القصد أن تحرص الشركات
أولا على الحفاظ على العملاء وأن تعمل جاهدة لقياس رضا العملاء.
ولذلك تعمل الشركات والمؤسسات المرموقة على قياس رضا العملاء بشكل
كبير جدا، وتطبق النظريات العلمية لقياس رضا العملاء، ونجد أن أي شركة تعمل على
تلافي رضا العميل فإنها تخسر في المقام الأول.
لأن العميل الراضي بكل بساطة هو سفير الشركة في السوق وهو من سيأتي
لها بعملاء آخرين، وهو المسوق والناطق باسم الشركة.
متى
يجب التركيز على الاحتفاظ على العملاء؟
تمر الشركات بمراحل عديدة وفي كل مرحلة ينبغي للشركة الانتباه لما
يحتاجه العميل، وفي مراحل معينة ينبغي على الشركة التركيز بشكل كبير على موضوع
الحفاظ على العملاء، ومن هذه المراحل:
مرحلة البدء والتأسيس:
في هذه المرحلة لا توجد للشركة عملاء، وبالتالي فلا داعي للكلام على
الحفاظ على العملاء، فما تحتاجه الشركة هو كسب أول عميل لها.
مرحلة النمو:
في هذه المرحلة تحتاج الشركة الى أن توسع من قاعدة جمهورها بشكل كبير
جدا الى جانب الاحتفاظ بالعملاء السابقين، وسيكون عملاءها السابقين مما يشكلون لها
نسبة 30% مما تحتاجه الى كسب عملاء جدد
أي أن على الشركة أن تعمل بشكل كبير جدا لكسب عملاء جدد الى جانب
العمل للحفاظ على العملاء السابقين.
مرحلة الاستقرار:
هذه المرحلة تتضمن ثبات نمو الشركة واستقرار مبيعاتها، وقد وصلت
سمعتها إلى الناس باعلانات او بدون اعلانات، ففي هذه المرحلة الشركة تحتاج بشكل
كبير الى استراتيجية واضحة للحفاظ على العملاء، بل لابد أن تكون سياستها وبرامجها
وخططها موجهة للحفاظ على العميل، وكسب أعلى مستويات رضاه، لأنه عندما تفرط الشركة
بالعميل فستبدأ بمرحلة الانحدار، ولذلك في هذه المرحلة فإن المحافظة على العملاء
الحاليين أهم بكثير من اكتساب عملاء جدد.
استراتيجيات الحفاظ على العملاء:
توجد كثير من الاستراتيجيات التي تعمل بشكل كبير للحفاظ على العملاء،
وهذه الاستراتيجيات مهمة في كل شركة وهي تختلف من شركة الى شركة أخرى، ولكن يمكن
إجمال أهمها:
استراتيجية تقديم خدمة ذات جودة عالية:
استراتيجية تعلق العملاء بالمنتج من أهم الاستراتيجيات التي ترفع من
أرباح الشركات وتضاعفها، وهذه الاستراتيجية تسمى (Product stickiness) أي التعلق بالمنتج، لأن العميل إذا تعلق بالمنتج فمعناه أنه قد
تحقق تعلقه بالمنتج بشكل كبير جدا.
وينبغي التركيز في استراتيجية تعلق العميل بالمنتج أن يكون المنتج ذا
جودة عالية، ويلبي احتياجات العميل، بحيث لا يصبح لدى العميل فكر للاستغناء
عنه.
وقد يكون عدم قدرة العميل الاستغناء عن المنتج كونه منتجا فريدا، فإذا
لم يقدم هذا المنتج للعميل بطريقة ذات جودة مميزة، فإن العميل سيترك التعامل مع
الشركة عند اول بادرة توفر بديل.
استراتيجية اطلاق برنامج ولاء العميل:
تتعامل الشركات مع العملاء بذكاء، ومن ذلك برنامج ولاء العميل (Loyalty program)،
بحيث تعمل الشركات على أن يكون العميل صاحب ولاء للشركة، مدفوعا للتعامل معها،
ويحس بأنه إذا ترك التعامل مع الشركة فإنه سيخسر بشكل كبير جدا.
أظن قبل ست سنوات كان لنا تعامل مع (شركة الكريمي للصرافة) قبل أن
تصير بنكا، وتفاجأنا بأن الشركة تعطي العملاء بطائق المميز، بحيث كان العميل يحصل
عليها مجانا، مقابل حصول له على مزايا منها:
1. خصم في مبالغ التحويل.
2. سعر أفضل في صرف العملات الأجنبية.
3. تخفيض في التحويلات الدولية.
4. امكانية فتح حسابات.
كنت ادرك في ذلك الوقت أن (شركة الكريمي للصرافة) بهذه الطريقة تستحوذ
على السوق المحلي بين شركات الصرافة، حيث كان كل من يمتلك البطاقة لا يرغب
بالتعامل مع غيرها من الشركات لكي لا يخسر المزايا التي منحته لها الشركة.
فماذا حدث بعد ذلك تطورت شركة الكريمي للصرافة حتى أصبحت بنك الكريمي
للتمويل الأصغر الإسلامي. وبهذا تدرك أهمية الحفاظ على العملاء في كل مراحل حياة
الشركات.
استراتيجية الحفاظ على ثقة متبادلة مع العميل:
كيف تحافظ على ثقة متبادلة مع العميل؟
هناك أسس بسيطة ينبغي اتباعها لبناء ثقة متبادلة مع العميل،
وهي:
1. الالتزام بكلمتك مع العميل.
2. الصراحة مع العميل.
3. خدمات ما بعد البيع.
هذه أسس مهمة جدا ينبغي لأصحاب العمل وموظفيهم اتقانها لبناء ثقة مع
العميل، وليست أي ثقة بل ثقة متبادلة مع العميل، بحيث تسهل على العميل الانطلاق
معك وبك، وحتى يكون ناطقا باسمك بناء على الثقة التي اكتسبها منك.
استراتيجية القرب من العميل:
قد تتعجب من قيام المؤسسات بدعم البرامج الخيرية والمؤسسات الخيرية،
لا تقوم هذه الشركات (بالذات غير المسلمة) بهذا العمل إلا لأنها تجعلها قريبة من
العميل بشكل كبير جدا، لأن الناس بطبيعتها تحب التعامل مع الشركات التي تهتم بما
هي مهتمة به.
أذكر بأني لما عرفت الدعم الدائم الذي تقدمه شركة سويد للصرافة لجميعة
المكفوفين ورعاية كل برامجهم، بأن هذا الدعم جعلني أحب التعامل معها أكثر من
غيرها.
لكي تحقق القرب من العميل ادعم الأعمال الخيرية التي تهمهم بشكل
كبير.
تعمل بعض المحلات على تشغيل اناشيد متفق عليها بين فئات المجتمع، وهذا
يجعل العميل قريب من منتجات الشركة
لأنه اذا كان يحب أغاني معينة فهذا يجعل العميل أكثر رضا عن منتجات
الشركة.
لذلك لكي تحقق القرب من العميل اهتم بالموسيقى والاناشيد التي يحبها.
تعمل الشركات على مشاركة ذكريات العملاء في وسائل التواصل الاجتماعي
الخاصة بها، وهذا ما يعزز قرب الشركة من العملاء
لذلك لكي تحقق القرب من العميل شارك عملاءك جميع المناسبات والجمع
والأعياد والأيام العالمية.
كانت هذه محطة مهمة في الجواب على سؤال أيهما أفضل اكتساب عملاء جدد او المحافظة على العملاء الحاليين؟