بدأت القصة هنا:
كان موظفا في بنك، يعمل براتب مميز بالنسبة للكثير من أقرانه وأصدقائه، حجم الحوافز والبدلات التي يحصل عليها كبير جدا، كان يعمل بشكل صامت ويومي، فجأة قرر ترك العمل والخروج من البنك، انتقده كثير من أصدقائه، كيف يترك هذا المنصب وهذا العمل في مثل هذه المؤسسة المرموقة، كيف يتنازل عن راتب بهذا الحجم الذي يحلم به الكثير؟
بل هو بنفسة كان يشعر بضيق كبير: كيف سيوفر مصاريف اسرته ومصاريفه لا سيما وقد تعود على انفاق بشكل كبير جدا، قد تكون الخطوات التي اتخذها فيما بعد مناسبة لحياته، لكننا لسنا بصدد الكلام عنها وكيف عمل؟ لكننا بصدد الكتابة عن ترك الموظف لوظيفته. وما هو الوقت المناسب لكي تترك وظيفتك؟
صاحبنا ترك العمل في الوظيفة للعديد من الأسباب:
كان يرفع تقارير العمل إلى المدراء ولا يجد منهم أي مناقشة لتقرير العمل، لم يكن يلاحظ وجود المعرفة الشاملة لدى المدراء في تقييم العمل، بل كانوا يكتفون بالتقرير ويتعتبرونه انجازا تحقق ويضاف الى رصيدهم، كانت هذه التصرفات تشعره بالضيق.
عمل تقييما لنفسه فلم ير أنه استفاد شيئا خلال تلك الفترة، غير الراتب المرتفع الذي كان يستلمه، بحث عن حجم الفائدة التي تعلمها في الشركة التي عمل فيها، لم يجد بأنها فائدة تذكر.
بحث عن مديره وعن حجم الفائدة التي يقدمها له وللموظفين، فلم يجد من مديره أي صفة تؤهله للقيادة، بل بحكم المنصب والعائلة هو يترأس الجميع، ونظر صاحبنا بأن فاقد الشيء لا يعطيه. ففاقد المعرفة لن يهبها لغيره، وفاقد الخبرة لن يكسب غيره خبرة، وفاقد الإدارة لن يتخرج من تحت يده مدراء ناجحون.
لذلك قرر ترك عمله والاستقالة من هذه الوظيفة.
توجد بهذا الشأن كثير من الأسئلة:
لماذا يترك بعض الناس أعمالهم ومناصبهم؟
ولماذا بعض الموظفين يرضون بالبقاء والرضا بوظيفتهم المتدنية؟
ولماذا يبق موظف في شركة يخرج منها غيره بشكل كبير جدا؟
أسباب تدعوك لترك الشركة والوظيفة التي أنت فيها:
1. نزوح مستمر:
من الطبيعيي جدا أن يكون في الشركات والمؤسسات موظفين يستقلون من العمل فيها، ويغادرونها، لكن ليس أمرا طبيعيا أن تجد شركة ينزح الموظفون منها بالجملة، وليس من الطبيعي في شركة أن توظف أشخاصا ثم ينتقلون الى غيرها بشكل مستمر.
فإذا تقدمت لوظيفة في شركة ووجدت بأن حجم الموظفين النازحين منها بشكل كبير جدا، فهذا سبب لك لكي تفكر في وقت مبكرة بمغادرة هذه الشركة، فنزوح الموظفين يدل دلالة واضحة على سوء إداري كبير جدا في هذه الشركة.
2. ضعف التعلم:
عندما تعمل في شركة لأكثر من سنة وتجد بأنها لا تدرب موظفيها، ففكر بتركها سريعا، إلا إذا كنت تريد أن تبقى بنفس المستوى وبنفس الأداء الوظيفي.
3. عدم وجود الدعم الوظيفي:
أفضل داعم للموظف هو الراعي المهني ( وهو مسئوله الأول والمباشر له) وهو أفضل مدرب يعطي الموظفي أكثر الفائدة التي يبحث عنها في العمل، وإذا لم يوجد هذا الراعي المهني للموظف فسيكون العمل فيه كثير من الخلل.
4. وجود موارد بشرية تهتم بالحضور والانصراف:
وجود موارد بشرية تهتم بالحضور والانصراف مبرر كاف لكي تفكر بترك الوظيفة والبحث عن وظيفة أخرى، والسبب أن وجود موارد بشرية تقتصر في عملها على الحضور والانصراف فهذا يعني أن الإدارة لا تهتم بالموظف ولا تعمل على تدريبه وبالتالي
لن توجد هياكل تنظيمية للعمل
لن يوجد وصف وظيفي
لن يوجد ترقيات واذا وجدت فستكون الترقيات متعبة جدا
لن توجد آلية عمل واضحة
لن توجد مكافآت عادلة.
5. البقاء في نفس الوظيفة 3 سنوات
فكر بالخروج من عملك ومن وظيفتك عندما تبقى في وظيفة 3 سنوات دون أن يحدث لك أي تغيير سواء من الناحية المادية او من الناحية المعنوية
إذا لم تفكر بالخروج من العمل عند هذه الأسباب فسيكون الخلل من ذاتك ومن شخصك أنت
لماذا يبقى بعض الموظفين في نفس الوظيفة عشران السنين؟
أعرف شخص منذ أكثر من 8 سنوات وهو يعمل أمين صندوق في بنك من البنوك، والى الان لا زال يعمل في نفس الوظيفة وفي نفس المستوى، ربما له أكثر من هذه الفترة، ولم يغادر العمل الى الآن
بينما شخص آخر تعين في وظيفة في مؤسسة وكان مراقب الكاميرات، فمضت عليه أشهر فأصبح مشرف القاعة، ومضت سنوات حتى أصبح رئيس قسم، وبعد سنتين فقط أصبح مدير الفرع، وبعد سنة أصبح مدير الفرع الرئيسي، والان أصبح مدير عام الفروع. وأتوقع له أن يصير المدير العام.
فلذلك شخصية الموظف هي السبب في ترقيته. وهي السبب الأول في انتقال الموظف الى أعمال أفضل وهي السبب في تحسين وضعه المادي والمعنوي.
أسباب التمسك بالوظيفة:
توجد كثير من الأسباب التي تجعل الموظف يتمسك بالوظيفة ولا يبحث عن غيرها، بل ويظل في نفس المستوى الوظيفي ولا يتطور، ومن هذه الأسباب:
1. عدم التوكل على الله:
الوظيفة هي سبب كبير تجعل الموظف يركن على الراتب وينسى التوكل على الله في حياته، ولذلك يشعر بالخوف من أن يترك الوظيفة، وكيف سيبقى بدون عمل، وينسى أن الله هو الذي رزقه هذه الوظيفة.
2. ضعف الثقة بالنفس:
لا يترقى كثير من الموظفين الى أعمال أكثر وذلك لضعف ثقتهم بأنفسهم، فتجدهم لا يرغبون بتطوير أنفسهم، ولا يريدون أن يتحملوا ضغوط العمل، ولا يبادرون الى القيام بالمهام الصعبة. وذلك بسبب ضعف الثقة بالنفس.
موظف في أحد الشركات يعمل على الاكسل وعلى الانترنت، وفي كل ما تلاقيه مشكلة من المشكلات لا يجرؤ على أن يقوم بها بنفسه بل يسعى دائما لطرحها على الموظفين الآخرين لكي يقوموا بحلها له او البحث عن حل للمشكلة.
وهذا بسبب ضعف الثقة بالنفس، وبالتالي تتأخر ترقية الموظف في عمله وذلك لعدم إقدامه على حل المشكلات.
3. الرضا عن الوظيفة:
يخلط الموظف بين الرضا الوظيفي وبين الرضا عن الوظيفة، فالرضا عن الوظيفة هو السبب الكبير في تأخر الموظف وعدم ترقيته؛ لأنه لا يبحث عن الترقية ويكتفي بالمستوى الذي وصل إليه. بينما الرضا الوظيفي يكون برضا الموظف عن الأداء في العمل وتحقيق أكبر انجازية فيه.
موظف محاسب في شركة من الشركات، راض بوظيفته ويعمل لساعات متأخره من الليل، يتقاضي من المستحقات شيء لا يقارن بغيره في نفس المستوى الوظيفي في شركة أخرى، حيث أن ما يتقاضاه مقارنه بساعاته الوظيفية لو كان في شركة أخرى لكان أكثر بكثير، ولذلك عندما نحاوره فهو راض عن وظيفته ولا يبحث عن غيرها لأنه لا يريد وجع الرأس في العمل ولا يريد أن يظل يبحث عن الأفضل.
بهذا نكون قد وضعنا لمسة لنا في متى تترك وظيفتك الحالية
نسأل الله التوفيق.