على مدى أكثر من قرن من
الزمان ظلت شركة كوكا كولا هي الأولى في العالم التي تصنع أفضل أنواع
المشروبات العازية والخالية من الكحول في العالم دون منافس، ورغم ظهور العديد من
المنافسين في سنوات لاحقة للشركة لكن لم يستطع أحد الوصول إلى ما تقدمه كوكا كولا،
تشير بعض الاحصائيات إلى أن الشركة بيع أكثر من 1.7 مليار علبة سنويًا، وهذا هو
أحد الكبر المنجزات التي حققتها الشركة وحافظت عليه، فما هو قصة هذه الشركة؟ وكيف
استطاعت أن تحقق هذا النجاح كله؟ سنتعرف في هذا المقال عن كثف على شركة كوكا كولا
وكيف نشأت.
ظروف النشأة
في العام 1861 اندلعت حربًا أهلية في أميركا وكانت عبارة
عن صراعات بين ولايات الشمال وولايات الجنوب الذين كانوا يردون الانفصال في الوقت
ذاك، بعد انتهاء الحرب التي خلفت الكثير من القتلى والجرحى سقط احد الجرحى والذي
ظل يعاني من ألم شديد في جسمه وكان يستخدم أقراص المورفين من الألم، كان يدعى هذا
الرجل جون سميث بيمبرتون وهو إلى فترة قريبة قبل الحرب كان يعمل صيدليًا يبتكر بعض
العلاجات التي قد تساعد المرضى في الشفاء، وبعد أن شعر أن ادمانه يزيد يومًا بعد
اخر على أقراص المورفين قرر أن يبتكر في البداية علاجًا من شأنه يخفف ما يعانيه من
ألم، وتقول بعض الروايات أنه ظل حوالي عشرين عامًا يبحث عن ابتكار جديد حتى وصل في
النهاية في العام 1867 إلى ابتكاره لمشروب ذا طعم جميل، ويساعد في علاج بعض
المشكلات مثل مشاكل سوء الهضم ومشاكل المعدة، فيما بعد قرر أن يعرض المشروب على
الصيدليات وقام ببيعه لها.
وفي العام 1874 أعلن الطبيب(W.H Bently)
، أنه استخدم الكوكاكولا كوسيلة لعلاج مدمني
المورفين وأنه حصل على نتائج جيدة، وكانت تلك النتيجة مرضية لبيمبرتون حيث أن ذلك
كان هدفه الأساسي من اختراع الكوكاكولا منذ البداية، وبناءً على ذلك قام بيمبرتون بإنتاج تركيبة
لمشروب كحولي أوروبي يعتمد على الكوكاكولا وقد أسماه فن ماريان، وقد أطلق على
التركيبة الجديدة كوكا النبيذ الفرنسي، وقد قال بيمبرتون عن هذا المشروب أنه نعمة
كبيرة لمدمني المورفين، كما قال أيضًا أنه يتمنى أن يستطيع جمع كل مدمني المورفين
والكحول والتبغ ليعيشوا على كوكب الكولا، وفيما بعد حصل بمبيرتون على براءة اختراع لمشروب كولا
النبيذ الفرنسي من أتلانتا التابعة لولاية جورجيا عام 1885م ، وفي عام 1886م تم
منع الكحوليات في الولاية، ولذلك قام بيمبرتون بنزع الكحول من التركيبة فأنتجت
الكوكا كولا الحالية، وإلى ما قبل وفاته باع
بيمبرتون تركيبة الكوكا كولا لأشا كاليندر ، ثم قام كاليندر ببيعها لإيرنست وودرف
ودكتور برادلي وكان الاثنان من سكان كولومبوس التابعة لولاية جورجيا، وكانوا من
عباقرة التسويق ، وهما أول من قاما بتعبئة الكوكاكولا في عبوات تشبه عبوات
الكحوليات.
شعار شركة كوكاكولا
بعد أن اخترع جون بمبرتون مشروب الكوكاكولا كان لديه
عامل محاسب اسمه فرانك روبرتسون، والذي بدوره اقترح على جون بمبرتون اسم كوكاكولا كاسم
للمشروب ورسم له الشعار الذي نعرفه في الوقت الحالي، ومنذ ذلك الحين لم يتغير شكل
الشعار أبدًا.
في تلك الفترة وعقب انتشار المشروب بدأ يباع في الصيدليات
والأماكن التي فيها نوافير الصودا، ولكن لم يكن هناك اقبالًا كبيرًا على المشروب،
بالإضافة إلى أن الإيرادات لم تكن تغطي تكلفة المشروب نفسه، وهذا حدث في عام 1886،
وبعد هذا العام بعام اشترى شخص يدعى أسا كاندلر من جون بمبرتون التركيبة أو اشترى
جزءً كبيراً من الشركة بمبلغ 2300 دولار، وما تبقى من الشركة كان باسم تشارلي أبن
جون بمبرتون، الذي توفى في العام 1888 مات جون بمبرتون بسبب آلامه وإدمانه على
المورفين، وبذلك أصبحت التركيبة والشركة في يد أسا كاندلر وجزءًا صغيرًا باسم
تشارلي بمبرتون، في نفس السنة يقال أن هذا الولد احتاج للمال فباع نصيبه أيضًا إلى
أسا كاندلر، وبعد سنوات مات الولد في ظروف غامضة، وبهذا الشكل أصبحت الشركة
بأكملها أصبحت ملكاً لأسا كاندلر.
وخلال الأعوام ما بين 1890 إلى 1900 تحولت كوكاكولا إلى
شركة وتم تصنيع كميات كبيرة من المشروب، وأصبح للمشروب هوية كالعلام، وصنعت علامة
تجارية خاصة بها، وفيما بعد قامت الشركة بدهن البراميل بالأحمر ووضع عليهم إشعاراً
وطبع كوبونات مشروب مجانية ليقوم الناس بتجربة المشروب وقدم هدايا مطبوع عليها
اللوغو ليعطيها للناس، وكانت هذه التجربة إحدى أساليب للدعاية التي خرجت في ذاك
الوقت مختلفة جدًا عن المألوف، ولا تزال حاليًا ما زلنا نطبق نفس أساليب التسويق
وهذه الأساليب ساعدت في انتشار مشروب كوكاكولا بشكل كبير جداً، ومنذ عام 1890 كان
يبيع في السنة الواحدة 9000 جالون من مشروب كوكاكولا وبعدها بعشر سنوات عام 1900
أصبح يبيع 370 ألف جالون سنويًا، وبدلًا من المصنع الواحد أصبح هناك اثنين قم
ثلاثة وموزعين كثر في الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى أن شركات مستقلة
بدأت تعمل شراكة مع شركة كوكاكولا لتوزيع المشروب.
تأثير الحرب على الشركة
بدأت الحرب العالمية الأولى والتي كانت هي الحرب
العالمية الأولى والتي لم يعرف العالم مثلها، في تلك الفترة لم تعرف الشركات ماذا
عليها أن تتصرف وتأخذ احتياطاتها، وكان الوضع على جميع الشركات وبالأخص كوكاكولا
وبيبسي، وبما أن كوكاكولا كانت أكبر بكثير من بيبسي في تلك الفترة وكانت تعتبر
أكبر مستهلك للسكر، وحدث في وقت الحرب عمليات تقنين للسكر بالتالي أسعار السكر
ارتفعت بشكل مبالغ به جعل شركة كوكاكولا تجد صعوبة في تجاوز الحرب، لكنها استطاعت
أن تكمل وسارت الأمور حتى عام 1919، وبعد الحرب وجد أسا كاندلر نفسئه غير قادر على
المواصلة بالشركة بعد أن تكبد خسارات فادحة بسبب الحرب، ثم قرر بيع الشركة بمبلغ
25 مليون دولار لمجموعة من المستثمرين
وعلى رأسهم إرنست وودروف، وروبرت وودروف ابن إرنست هو الذي أدار شركة
كوكاكولا لمدة 60 سنة فيما بعد لتبدأ عصرًا جديدًا من التوسع على يد هذا الرجل من
العشرينات إلى الثمانينات من القرن الماضي، وما ساعد روبرت وودروف هو أنتشار
الثلاجات في البيوت والمحلات وأي مكان تجد فيه اختراع الثلاجة وبأسعار جيدة، وكان
لهذا الاختارع دورًا كبير في تقديم المشروب للناس في أي مكان وأي وقت.
وبعد ما يقارب أكثر من 130 عامًا على ابتكار مشروب كوكا كولا فقد أصبح الآن متاحة بصورة رسمية في جميع أنحاء العالم باستثناء بلدين هما كوبا وكوريا الشمالية، وذلك بعد إعلان كوكا كولا عن نيتها البدء بتوزيع منتجاتها في ميانمار خلال شهر يونيو من عام 2012، ولكن تشير تقارير صحفية إلى أنها متاحة في هذين البلدين عبر طرق الأسواق الموازية التي تلجأ إلى استخدام العلامة التجارية للشركة بصورة غير مشروعة دون الحصول على إذنها المسبق، وتنتج الشركة اليوم أكثر من 20 منتج مختلفًا كلا عن الاخر كما أنها تمتلك حوالي 9 علامات تجارية، ويتجاوز موازنة الشركة حاليًا 16 مليار دولار في الولايات المتحدة الأمريكية.